قوقل: كيف أنام بسرعة ؟
كل شيء جاهز.. السرير مرتب، الإضاءة خافتة، الهاتف بعيد، وحتى كوب البابونج بجانبك بدأ يبرد.
لكنك لازلت تنتظر .. ولكن لا شيء يحدث.. النوم لا يأتي..
تغلق عينيك، ثم تفتحهما..تتقلّب مرة، وتتنهد مرتين، وتحاول أن "تنام"، كما لو كان النوم قرارًا يُتخذ..
في تلك اللحظات التي يبدو فيها كل شيء ساكنًا حولك، يتحوّل عقلك إلى مسرح مضاء.
تبدأ الأفكار في التسلل: ماذا لو؟ لماذا قلت؟ متى سأفعل؟
وهكذا يتحوّل السرير من مكان للراحة إلى مساحة صاخبة — بلا صوت.
لكن ماذا لو قلت لك أن هناك طرقًا بسيطة يمكن أن تساعدك على الانزلاق بهدوء إلى النوم؟
طرق لا تعتمد على الحبوب، ولا على الإنهاك، بل على إعادة توجيه انتباهك من الخارج إلى الداخل.
التركيز على التنفس.. الجسد ..واللحظة الحاضرة🌬️
أول ما يمكن فعله هو التركيز على التنفس.
ليس كفعل تلقائي، بل كأداة.
عندما تبدأ بسحب الهواء ببطء إلى أعماق البطن، ثم إخراجه بسلاسة، فإنك لا تغذي فقط جسدك بالأكسجين،
بل ترسل رسالة صامتة إلى جهازك العصبي بأن الوقت قد حان للهدوء.
واحدة من أكثر الطرق فعالية هي تقنية 4-7-8، وهي ببساطة: شهيق لأربع ثوانٍ، حبس النفس لسبع، زفير لثمانٍ.
ومع التكرار، يبدأ الدماغ في التحول من وضع "اليقظة" إلى وضع "الاستسلام".
لكن التنفس ليس كل شيء...
أحيانا تكون بحاجة إلى تذكير جسدك بأنه قد حان وقت الاسترخاء وأنه في آمان الآن...
وهنا يأتي دور ما يُعرف بـ "مسح الجسم الذهني".
حيث توجه انتباهك تدريجيًا إلى كل منطقة في جسدك: القدمين، الساقين، الكتفين، الفك، الجبهة…
ليس لتغيير شيء، بل فقط لملاحظة ما هو موجود — توتر؟ دفء؟ خدر؟
وكأنك تقول لنفسك: " أنا هنا الآن" وهي محاولة لتوجيه تركيزك إلى اللحظة الحاضرة.
لكن في أحيان أخرى، تحتفط عضلاتك بالقلق دون أن تدري..عندها يمكنك أن تجرب
أن تشدّ عضلة، ثم ترخيها...ابدأ باليد، ثم الساق، ثم الكتفين.. هذا التمرين البسيط، المعروف بالاسترخاء العضلي التدريجي،
يساعد على تحويل التوتر غير المرئي إلى شيء ملموس " حركة جسدية"..وبالتالي تتمكن من العمل على تحريره.
عندما يصبح عقلك هو العائق🧠… امنحه لعبة
إن كنت من أولئك الذين لا يتوقف عقلهم عن التفكير، فربما يكون الحل… هو أن تُعطيه شيئًا يفكر فيه، لكن بهدوء.
مثل لعبة الكلمات التي طوّرها باحث النوم Luc Beaudoin، حيث تختار كلمة عشوائية وتبدأ بتوليد كلمات تبدأ بكل حرف منها.
كأنك تعيد توجيه أفكارك من الأسئلة الوجودية… إلى شيء بسيط، وممل بما يكفي ليجعل عقلك يتسلسلم ويتركك تنام.
هناك أيضًا تقنية الخيال الموجّه، التي تطلب منك أن تغمض عينيك وتتخيل مشهدًا مريحًا: شاطئ، غابة، نهر،
أو حتى ركنك المفضل في بيتك، تخيّل كل التفاصيل: الضوء، الأصوات، درجة الحرارة، ملمس الأرض تحت قدميك.
كلما زادت دقة الصورة في ذهنك، كلما انسحب وعيك من التفكير العقلي إلى الشعور الجسدي، وهذا هو المدخل الحقيقي للنوم.
وفي حالة لم تنجح كل الطرق السابقة ..
لا بأس. انهض، بهدوء، واذهب لزاوية بعيدة من البيت، اقرأ شيئًا بسيطًا أو مارس تمرينا تنفسيا آخر،
ثم اذهب إلى سريرك فقط حين تشعر أن النعاس بدأ يعود..لأن البقاء في السرير وأنت يقظ، ي
جعل عقلك يربط بين السرير والقلق — وليس الراحة..وهذا عكس ما تريده بالضبط..خصوصا في نهاية اليوم.
النوم لا يأتي بالإجبار ..للأسف !..
لكن الخبر الجيد أنه حالة تتشكل، ببطء، إذا قمنا بأداء بالعادات المناسبة،
أحطنا أنفسنا بالهدوء الداخلي، واستعنا بالصبر..
فلن يكون النوم سهلا في كل مرة تحاول فيها أن تنام
لكن كل ليلة هي فرصة جديدة لتتعلم كيف تُعيد جسدك إلى طبيعته..
كيف تُطفئ الأنوار في الخارج… وفي الداخل...
كيف تتنفس، وتسترخي، وتسمح للنوم بأن يأتي ..بسهولة وببطء.